
ثلاثية الهلاك: حين يُغيّرُنا الطريقُ.. بقلم عادل رستم
كنّا نظنُّ أنَّا نسيرُ على الدربِ،
وإذا الطريقُ ينسلُّ من بين أصابعنا كالرمل،
ونحنُ نلهثُ خلف سرابٍ سميناهُ “ذكاءً اجتماعيًّا”.
المرحلة الأولى: زهرةُ المجاملةِ التي ذبلت
بادَرْناها بـ “مجاملةٍ رقيقةٍ” كالندى،
أثمرتْ علاقاتٍ يانعةً..
فقلنا لماذا لا نُكثِر؟!
لم نعدْ نزنُ الكلماتَ بميزانِ القلب،
بل بمعيارِ المصلحةِ العاجلة.
أصبَحنا نسقي الأرضَ من فيضِ المجازِ،
حتى تشبَّعتْ جذورُنا بالكذبِ الرقيق.
هنا بدأنا نضيع.
المرحلة الثانية: مستنقعُ النفاقِ
تحوَّلتْ المجاملةُ إلى لعبةِ مرايا،
نزيّنُ القبيحَ، ونسمّي الخَرابَ عمرانًا
ونبتكرُ فضائلَ لم تُخلَقْ في البشر!
فانصرفَ عنّا الأذكياءُ واحدًا تلو الآخر،
مُلقينَ علينا نظرةَ مَن يرى قناعًا يسقطُ..
لكنَّنا لم ننتبه
كُنا مشغولينَ بطلاءِ الأقنعةِ الجديدة. المرحلة الثالثة: الانهيارُ من الداخل
ثم جاءتِ الضربةُ القاضية:
الكذبُ الصريح
لم نعد نخدعُ الآخرينَ فحسب..
بل صرنا نصدّقُ أكاذيبَنا!
سقطَ احترامُ الذاتِ في مستنقعٍ آسن،
وفقدنا آخرَ أسلحتنا صدقُنا مع أنفسنا.
هنا صِرنا أشباحًا
علاقاتُنا تحترقُ،
وأنفسُنا تصرخُ في قفصِ الزيف.
الخاتمة: ماذا بقي
فإذا سألوك: “ما عنوانُ هذه المسرحية
قلْ: هذه مأساةُ إنسانٍ أضاعَ بوصلةَ قلبه
العارُ ليس أن يراكَ الناسُ مُزيَّفًا..
العارُ أن تسقطَ في عينيكَ وأنت ترى السقوطَ ولا تستطيع النهوض!
الزيفُ لا يقتلُ القيمَ، بل يدفنُها في صحراءِ النفسِ.. ثم يُقنعُك بأنَّ السرابَ ماءٌ.”
هذه “الثلاثية” ليست مجرد مراحل.. بل هي انهيارٌ تدريجي للإنسان عندما يبيع حقيقته ثمناً لراحة مؤقتة. فهل تستحق الأكاذيبُ أن نفقدَ وجهنا الحقيقي في مرآة أنفسنا؟