مقالات

على هامش انتخابات مجلس الشيوخ الأحزاب أم القبلية؟

بقلم: عادل رستم

في مجتمعاتنا، حيث لا تزال الروابط القبلية والعائلية تشكل جزءًا أصيلاً من النسيج الاجتماعي، يطرح كل استحقاق انتخابي سؤالاً ملحًا:
لمن نعطي أصواتنا؟ هل ننتخب ابن العائلة لمجرد القرابة، أم نصوت لمن يمثل فكرًا سياسيًا وحزبيًا؟

هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه دون التوقف قليلًا لتحليل الواقع.
فلنبدأ بالاعتراف بأن الأحزاب السياسية في بلادنا ما زالت بحاجة إلى مراجعة شاملة لبنيتها التنظيمية. هي مطالبة بأن تخرج من دوائر المجاملة إلى مساحات الجدية والحسم، وأن تولي اهتمامًا حقيقيًا ببناء كوادر مؤهلة، لا سيما من جيل الشباب.

التثقيف السياسي والتدريب على العمل المؤسسي لم يعد خيارًا ترفيهيًا، بل صار ضرورة وطنية.

وللأسف، رغم اجتهاد بعض الشباب، إلا أنهم يصطدمون بغياب الحاضنة السياسية التدريبية، التي كانت – قديمًا – متمثلة في المجالس الشعبية المحلية، والتي شكلت يومًا ما مفرخة حقيقية للقيادات.

تتزامن هذه الفجوة مع تحولات عميقة يشهدها العالم، مفاهيم تتغير، وهويات تضيع، وسياسات تزرع التفرقة، وتضعف الحس الجمعي لصالح الانقسام والتمركز حول الهويات الصغيرة.

وفي ظل هذا المشهد، يعود السؤال مرة أخرى:
هل نختار الكفاءة والخبرة؟ أم نستسلم لمنطق “ابن العم أولى”؟
للأسف، لا تزال الغالبية تراهن على “أهل الثقة” بدلًا من أصحاب الكفاءة.
وهو أمر – في كثير من الأحيان – يُستغل لإعادة إنتاج النعرات القبلية وخلق حالة من الاستقطاب والانقسام، بدلًا من صناعة وعي سياسي ناضج يرتكز على المسؤولية، والخدمة العامة، وصوت العقل.

ما نحتاجه اليوم ليس فقط “صوت في صندوق”، بل اختيار مبني على وعي وإرادة وضمير.

وما نحتاجه أكثر، هو أن تكون الاحزاب قوية، منظمة، شفافة تؤمن بالكفاءة، تعمل على إعدادها وتنميتها.

فالكفاءة لا تولد من فراغ، بل تُصنع… ومعها تُصنع الأوطان.