
لحظة التوقف حين يصبح الصمت لغة التغيير.. بقلم عادل رستم
نحن نعيش في زمن تتسارع فيه الخطوات وتضيق فيه المسافات حتى بتنا نركض أكثر مما نمشي ونستهلك أنفسنا في سباق لا نعرف إن كنا نريده حقًا. في خضم هذه الدوامة تلوح في الأفق لحظة نادرة لحظة تفرض علينا الصمت لا العجز التوقف لا الاستسلام. لكن هل هذه اللحظة مفصلية في حياتنا أم مجرد ارتداد لحدث عابر؟
ربما ليست الإجابة في طبيعة اللحظة، بل في عمق وعينا بها. قد تأتي إثر ألم موجع أو خسارة لا تُحتمل، وقد تهبط بهدوء بعد إنجاز ظننّاه النهاية فاكتشفنا أنه بداية الأسئلة. هنا ندرك أن التوقف ليس ضعفًا، بل فعل شجاعة، لأن من يجرؤ على مواجهة ذاته يقف على عتبة التغيير الحقيقي.
نسأل أنفسنا: هل نملك القدرة على إعادة تشكيل ذواتنا؟
القدرة ليست هبة تهبط من السماء، بل طاقة خامدة تستيقظ حين نقرر أن نرى الأشياء بلا زيف، وحين نكف عن التبرير ونشرع في المكاشفة. إعادة التشكيل ليست أن نهدم كل شيء، بل أن نعيد ترتيب ما نملك، أن نضع كل فكرة في مكانها الصحيح أن نحذف ما يرهقنا ونبقي ما يجعلنا أكثر إنسانية.
أما السؤال الأخير هل يمكن فعل ذلك الآن؟
الحقيقة أن “الآن” هو كل ما نملك. الغد وهمٌ نُسكن فيه أمانينا والماضي قيد لا يحررنا. اللحظة التي ندرك فيها حاجتنا للتغيير هي نفسها اللحظة التي ينبغي أن نبدأ فيها، لأن الانتظار يعني أننا لا نريد حقًا.
إن لحظة التوقف ليست هروبًا من الحياة بل عودة إليها. ليست نهاية بل ميلاد جديد يخرج من رحم الصمت والفوضى معًا. هي موقف نختار فيه أن نكون لا كما يريد الآخرون، بل كما نريد نحن أن نكون.