مقالات

شعرة بين التريقة والهزار.. بقلم عادل رستم

في حياتنا اليومية مع الأهل والأصدقاء والزملاء وحتى المعارف تمر بنا أحاديث كثيرة نغلفها أحيانًا بالطرافة أو نزينها بلمسة من التريقة كنوع من التبسط وكسر الجمود. لكن هذه المساحة الخفيفة التي نعتقد أنها آمنة ليست دائمًا كذلك.

هناك شعرة دقيقة جدًا تفصل بين المزاح البريء والسخرية الجارحة بين الضحكة التي تقرّب القلوب والكلمة التي تزرع فرقه . هذه الشعرة قد تنقطع بسهولة إذا غابت الحكمة في اختيار الوقت أو الأسلوب.

قد تقول كلمة وأنت تظنها بسيطة لكنها تُسمع بثقل كبير في أذن الآخر. وربما تُطلق تعليقًا في لحظة اعتقدت أنها مناسبة لتكتشف لاحقًا أنها كانت أسوأ توقيت ممكن. أحيانًا المشكلة ليست في النية بل في الطريقة. وأحيانًا، ليست فينا نحن بل في الطرف الآخر الذي يفسر الكلمات بنية سيئة أو يبحث عن سبب للخلاف.

فما الحل؟ هل نبتعد عن الهزار تمامًا؟
الحقيقة أن الإجابة ليست بنعم أو لا. فالمزاح جزء من الحياة والتبسط مطلوب. لكن الحكمة مطلوبة أكثر. التجربة هي المعلم الأكبر مع الوقت نتعلم مع من نمزح ومتى نمزح وكيف نمزح.

المسألة في النهاية ليست مجرد كلمات بل فن. فن أن تضحك من دون أن تجرح، أن تخفف الأجواء دون أن تثقل القلوب أن تعرف أن الكلمة مثل السهم إن خرجت فلن تعود.

الهزار الجميل هو الذي يترك أثرًا طيبًا أما السخرية التي تجرح فهي كسر لا يجبره اعتذار. فلنزن كلماتنا قبل أن نطلقها، لأن الحوار ليس مجرد تبادل للكلمات بل هو مسؤولية أخلاقية تجاه من نحب.