
سمير غنيم.. البطل الذي حمل سيناء في قلبه حتى آخر العمر
كتب / عادل رستم
الحكاية يرويها لمصر تلاتين ابن الاستاذ دكتور سمير غنيم احد مؤسسي التعليم العالي بشمال سيناء.
يقول المهندس كريم سمير
رحل من بيننا رجل لم يكن عاديًا، بل أسطورة من لحم ودم، مقاتل حمل روحه على كفه في حرب الاستنزاف وأكتوبر، ثم عاد ليحمل على كتفه همّ تنمية سيناء وبناء مستقبلها. إنه أبي الغالي الدكتور سمير إبراهيم غنيم، ابن قرية كوم الأطرون بمحافظة القليوبية، بطل الصاعقة الذي عاش من أجل تراب هذا الوطن حتى آخر لحظة في حياته.
في زمن الحرب، خاض سمير غنيم معارك خلف خطوط العدو، وفي إحدى العمليات الفدائية بعد نكسة 67 استشهد زميلاه، وتاه هو بين دروب سيناء المحتلة، ظن أنها النهاية حتى لمح كوخًا بدويًا، طرق بابه منهكًا، فأطعمه الرجل وزوجته وأكرماه، وقاده عند حلول الليل لطريق آمن ليعود إلى وحدته حيًا بعد أن اعتقد الجميع أنه استشهد. منذ تلك اللحظة عاهد نفسه أن يهب حياته لسيناء، وفعل.
بعد عودة سيناء، رفض المناصب والراحة، وقرر أن يكون جزءًا من معركتها الجديدة.. معركة البناء. حين أنشأت جامعة قناة السويس كلية الزراعة بالعريش، واعتذر الأساتذة عن الذهاب لصعوبة الظروف، تقدم سمير غنيم دون تردد، ليبدأ رحلة شاقة نام خلالها في جراج المحافظة وحمل جراكن المياه على كتفه، لكنه لم يتراجع حتى شيّد صرحًا علميًا على مئة فدان وسط الصحراء. ثم أسس كلية الثروة السمكية، وجعل من سيناء قلعة للعلم، لا مجرد أرض قتال.
لم يكن مجرد أستاذ جامعي، كان فارسًا يحمل حلمًا. ساهم في إدخال المعونات الدولية، أنشأ مدارس ومؤسسات، تبنى مبادرات شبابية، وفتح أبواب الأمل أمام شباب سيناء، وظل يؤمن أن التنمية هي السلاح الأقوى لحماية الوطن.
نال أرفع الجوائز، من جائزة الدولة التقديرية للعلوم إلى تكريم المنظمة العربية للتنمية الزراعية، لكنه ظل كما هو، بسيطًا متواضعًا، يعطي بيمينه دون أن تعرف يسراه، يساعد المحتاجين في صمت، ويعمل بلا ضجيج. كان دائمًا يقول: “من ليس له خير في أهله لا خير فيه”، وظل يبحث عن البدوي الذي أنقذه يومًا فلم يجده، لكن صورته بقيت في قلبه حتى آخر العمر.