
آفة التنظير… ظاهرة تستشري في مجتمعنا.. من الرصد لطرح الحلول
بقلم الإعلامي عادل رستم
لم يعد الحديث عن ظاهرة التنظير أمرًا هامشيًا، بل أصبح ضرورة ملحّة.لأنها استشرت في حياتنا حتى كادت تتحول إلى ثقافة عامة. التنظير هو فنّ الكلام بلا فعل ورفع الشعارات دون أن نخطو خطوة واحدة نحو تطبيقها. وللأسف، صرنا نراه في كل مكان في البيوت و في المقاهي في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في أماكن العمل.
المنظرون دائمًا في المقدمة بالكلام فهم يعرفون الحل لكل مشكلة ويملكون وصفات سحرية لكل الأزمات لكن إذا طلبت منهم أن يبدأوا بأنفسهم، اعتذروا أو انسحبوا بهدوء
أمثلة من حياتنا اليومية ….
في الرياضة الكل يعرف كيف يجب أن يلعب الفريق وكيف يجب أن تكون الخطة والكل يهاجم المدرب لأنه لا يفهم شيئًا بينما هذا الناقد لم يركل كرة في حياته إلا في الشارع.
في السياسة أصبح كل شخص محللًا استراتيجيًا عبر فيسبوك، يملك الحلول لمشاكل الاقتصاد والبطالة والأمن لكن في الواقع لا يلتزم حتى بقوانين المرور في الشارع.
في التربية نرى من ينظّر عن التربية المثالية. وكيف يجب أن يكون الأب والأم بينما أولاده يعيشون في فوضى كاملة.
في العمل الموظف الذي يقضي ساعات في شرح كيف يمكن للشركة أن تتطور لكنه لا ينجز عمله الأساسي في الموعد المحدد.
لماذا نحب التنظير ….
لأنه مريح الكلام مجاني لا يكلّف جهدًا ولا يحتاج إلى مواجهة الواقع الصعب. أما الفعل فيتطلب وقتًا وصبرًا وتعبًا وربما مخاطرة. ولهذا يكتفي كثيرون بدور الناقد والمتفرج دون أن يشاركوا في صنع الحلول.
خطورة هذه الظاهرة
التنظير لا يضيّع الوقت فقط بل يقتل روح المبادرة. يجعل الناس يكتفون بالحديث بدلًا من العمل فيشعرون بوهم الإنجاز لمجرد أنهم ناقشوا المشكلة. النتيجة المجتمع يتأخر والأزمات تتراكم لأننا استبدلنا الفعل بالكلام.
ولكن كيف نواجه آفة التنظير
ابدأ بنفسك لا تنتقد إلا إذا كنت مستعدًا لتقديم بديل عملي.
وحاول أن تقلل الكلام وزد من الفعل الفعل مهما كان بسيطًا أفضل من مئة كلمة تنظير.
واحترم الخبراء الحقيقيين قبل أن تدّعي المعرفة في كل شيء اسمع ممن درسوا وتخصصوا.وذكّر نفسك دائمًا أن النجاح لا يأتي من كثرة الكلام بل من الجرأة على التنفيذ.
لننهِ هذه الظاهرة بشعار بسيط افعل أكثر مما تقول. فالتغيير لن يصنعه المتفرجون بل الذين يضعون أيديهم في العمل ويحوّلون الأفكار إلى واقع.