مقالات

المشاعر الإنسانية بين الزيف والحقيقة.. بقلم عادل رستم

لم تعد المشاعر الإنسانية كما كانت في السابق تُقاس بالقرب الجسدي أو دفء اللقاءات المباشرة بل أصبحت اليوم في كثير من الأحيان تُختزل في رسائل نصية عابرة على منصات التواصل الاجتماعي. في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا ويزداد فيه الاعتماد على الوسائط الافتراضية تحوّلت التهنئة والمواساة إلى كلمات مرسلة عبر شاشة الهاتف تغيب معها حرارة اليد الممتدة أو العناق الصادق أو حتى النظرة التي تُترجم ما تعجز عنه الكلمات.

إن التفاعل الافتراضي لا يمكن إنكار أهميته في تسهيل التواصل وتقريب المسافات لكنه في الوقت ذاته حمل معه قدراً من الزيف فكم من رسالة مجاملة أُرسلت بدافع المجاملة الاجتماعية فقط لا عن شعور حقيقي وكم من تعزية أو تهنئة نُشرت على الصفحات العامة بينما صاحبها لم يكلف نفسه عناء المشاركة الوجدانية الفعلية.

الحقيقة أن المشاعر الإنسانية لا تُقاس بعدد الإعجابات أو سرعة الرد على الرسائل بل تُقاس بمدى الصدق في التعبير عنها وبالقدرة على الحضور الفعلي في أوقات الشدة والفرح. فما قيمة آلاف الرسائل إن غاب صاحبها عن زيارة مريض أو لم يشارك قريباً فرحته أو يواسي صديقاً في حزنه وجهاً لوجه

التوازن هو ما نحتاجه اليوم أن نستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي كأداة تُقرّب المسافات لكن دون أن نسمح لها أن تسرق جوهر إنسانيتنا. فالكلمة الصادقة حين تقترن بالفعل تكتسب معناها الحقيقي والوجود المباشر يظل أكثر رسوخاً في النفس من أي رسالة مكتوبة.

إن إعادة الاعتبار للحضور الإنساني المباشر هو الطريق لاستعادة أصالة المشاعر لأن الصدق لا يُترجم بالشاشات وحدها بل بالحضور بالمشاركة وبالاهتمام الفعلي الذي لا يعرف الزيف.

كتبتها اليوم بعد سيل ومن المشاعر المكتوبة بعناية شديدة ارسلها الكثير لصديق فقد عزيز عليه .. شعرت وقتها.. كم انها اي تلك المشاعر تخلو من الدفء والصدق.