مقالات

الشخصية العقيمة … أرواح بلا ظلال

 بقلم الإعلامي/ عادل رستم

في زوايا الحياة المزدحمة نعايش وجوهًا كثيرة تشبه الجدران الصامتة لا تُشع نورًا ولا تحمل دفئًا ولا تترك في القلب أثرًا. تلك هي الشخصيات العقيمة التي تمشي بين الناس بلا حياة حقيقية أجساد تتحرك بينما الأرواح فيها منطفئة والأفكار فيها يابسة كأشجار عطشى في صحراء.

الشخصية العقيمة ليست دائمًا جاهلة أو فقيرة بل قد تكون متعلمة متأنقة ناجحة ظاهريًا لكنها بلا خصوبة فكر أو حرارة قلب. تخشى المغامرة تنفر من الجديد وتعيش على تكرار الأمس كأنه الأبد… لا تسأل ولا تُبدع ولا تحاول أن تترك بصمة كأنها اختارت أن تكون ظلًا باهتًا لا لون له.

إنها الشخصيات التي لا تصنع فكرا ولا فكرة ولا تكتب سطرًا ولا تبني حلمًا. تجلس على هامش الحياة تراقب الآخرين وهم يصعدون وتكتفي بالنقد والتثبيط. وجودها يشبه هواءً ثقيلًا في غرفة مغلقة يستهلك الأكسجين دون أن يضيف شيئًا.

ولأن الحياة بطبيعتها خصبة ومتدفقة فإن هذه الشخصيات تمثل نوعًا من الخذلان لمعنى الوجود. فكل إنسان في الأصل بذرة قادرة على الإنبات على الخلق على النهوض بفكرة أو كلمة أو عمل. وما العقم في الفكر والروح إلا قرارٌ غير معلن بالانسحاب من معركة الحياة.

لكن العقم ليس قدرًا أبديًا. يكفي أن تلمس الروح شرارةٌ صغيرة من شغف أو فكرة حتى تبدأ الأرض القاحلة في الإنبات. يكفي أن يخرج المرء من دائرته الضيقة أن يقرأ وأن يسافر ..أن يجالس من يفكر ويبدع ويغامر حتى تتحرك في داخله المياه الراكدة.
إن الإنسان الذي يريد أن يترك أثرًا في الحياة عليه أن يتحرر من جمود هذه الشخصية أن يزرع في قلبه فضول الطفل وشجاعة الحالم وإصرار المبدع. عندها فقط يصبح حيًّا بحق لا ظلًا يمشي على الأرض.

الشخصية العقيمة ليست نهاية الطريق بل هي جرس إنذار إمّا أن تبقى على الهامش أو أن تنهض وتخلق أثرًا فتكون من الذين يتركون في الحياة شيئًا يشبههم ويستحق أن يُذكَر.

حياتهم باهته يعيشون في نفق لاتدخله الشمس أن اقتربت منهم ..ابتعد ..حتى لايصيبونك بحدوتة أمسهم العقيم.