
الميكروفونات تصافح البنادق
الدكتور/ السيد مرسى
فى زمن التوك شو أصبح المذيع أخطر من المدفع، والميكروفون أثقل من الصاروخ، لذلك قرر شارلي كيرك ، وهو ناشط سياسي أمريكي محافظ، وكاتب مؤلف وإعلامي، وهو مسيحي إنجيلي مؤيِّد بشدَّة لإسرائيل دولة الاحتلال، وغير معترف بحقوق الفلسطينيين. شارك في تأسيس منظمة نقطة تحوُّل أمريكا عام 2012، وكان مديرها التنفيذي أراد ان يدخل التاريخ من الباب الذي لا يمر منه إلا الغزاة… باب التحليل السياسي
فجلس على الشاشة يوزع شهادات ميلاد لدول، وشهادات وفاة لأمم، وكأن القضية الفلسطينية مجرد فقرة فى برنامج المواهب السياسية، يقول لك: إسرائيل تدافع عن نفسها!… وكأننا ما زلنا نعيش فى فيلم كرتون حيث الذئب يرفع لافتة ” أنا الضحية” والفلسطينيون عند كيرك مجرد مشكلة لوجستية (Logistics) تعطل انسياب الأفكار الأمريكية عن الحرية، تلك الحرية التى تُوزع بالباراشوت على الشرق الأوسط ثم تُسحب فوراً بفيتو من الكونجرس، المثير أن شارلي يتحدث عن حق الدفاع وكأنه محامٍ عن السماء… بينما الأرض تحكى غير ذلك: جدار عازل أطول من كل حكاياته، وطفل يبيع كسرة خبز عند الحاجز أطول عمراً من كل نظرياته، الجميل فى كيرك أنه يختصر القضية كلها فى تغريدة، بينما الفلسطيني يحتاج إلى عمر كامل ليشرح فقط لماذا مفتاح بيته القديم ما زال يعلّقه فى رقبته ، ويرفض كل الاغراءات والتهديدات لأجل المغادرة.
لكن لا بأس… شارلي كيرك دخل السياسة من باب الطوارئ وخرج من التاريخ على نقاله، تلك حكمة الله التي حكمت بموته”، فهذه مدرسة ربنا التى لا تخطأ في الامتحانات، ناس بتفكر إنهم خالدين، مع إنهم مجرد بوست في جزء من سطر بيتحذف من على صفحة الزمن، وفي النهاية، يفضل السؤال: هو كان فاكر نفسه جاي يدافع عن إسرائيل، ولا عن مقعد في جهنم محجوز باسمه؟
لكن الله — كما تقول الحكايات القديمة — لا يترك شارلي وأمثاله يمرحون بلا حساب. فمنذ قابيل … ويرسل على رأس كل “كيرك” من يقضى عليه، فالقضية الفلسطينية لا تحتاج إلى محللين من طراز كيرك، بل إلى شاهد عيان يقرأ أسماء الشهداء كما تُقرأ أسماء الكواكب فى السماء. وكلما صرخ “كيرك” فى استوديو مكيف عن “الإرهاب”، خرج طفل من بين الأنقاض ليرد بضحكة، فينهزم الميكروفون وينتصر الصدى.
وأخيرا … شارلي كيرك كان عامل زي اللي يدخل فرح فلسطيني ويشغل أغنية صهيونية… لا ليه لزمة ولا حد عايزه لذلك بعث الله لكيرك من يقضى عليه، لأن التاريخ، يا سادة، يُكتب أحياناً بالدم… والكلمات
الى اللقاء: الدكتور/ السيد مرسى