مقالات

من المريلة والشنطة البفته إلى الزي البراند والكوتشي البراند

بقلم عادل رستم

إهداء
إلى الدكتور محمود قطامش…
الذي يعشق الكتابة النستولجيا ويؤمن أن الحنين ذاكرة لا تموت
نهديك هذه الكلمات تقديرًا لروحك التي تحفظ عبق الماضي وتعيد رسمه بحروف دافئة.

حكاية طفولة بين الأمس واليوم
كان الصباح في الأمس يبدأ بصوت الأم وهي توقظ أبناءها برائحة الخبز البلدي الساخن وبلمعة الشنطة البفته التي تتدلّى على ظهر الطفل وكأنها صندوق كنز صغير. المريلة البسيطة كانت تحمل ألوان الطفولة الصادقة وأحذية كاوتش باتا تقطع الطريق إلى المدرسة في خطوات بريئة ومتعجلة.
في يد صغيرة يقبض الطفل على تعريفة أو قرشين مصروف اليوم يعرف أنها تكفي لساندوتش فول أو طعمية وربما قطعة حلوى تُؤكل في الفسحة مع الأصدقاء. كانت السعادة آنذاك تُشترى بالقليل، وكان القلب يمتلئ بالرضا الكثير.

اليوم تغيّر المشهد أصبحت الشنط تحمل أسماء براندات عالمية والكوتشي يلمع بلونه الفاقع والمصروف أصبح لانش بوكس أنيقًا يضم سندوتش برجر أو وجبة جاهزة، وكأن المدرسة صارت ساحة عروض للأزياء والأطعمة الحديثة.

لكن رغم هذا التبدّل الكبير تبقى الطفولة واحدة تضحك وتفرح وتشتاق. الفرق فقط أن أطفال الأمس عرفوا البساطة والتقارب بينما يعيش أطفال اليوم وسط ألوان كثيرة وأشياء جميلة لكن أحيانًا بلا ذلك الدفء الذي كانت تصنعه التفاصيل الصغيرة.

كانت ألعابنا استغماية وكورة شراب وأحلامنا بسيطة كطائرة ورقية في السماء واليوم ألعابهم إلكترونية وأحلامهم تلمع في شاشات مضيئة. ومع ذلك تبقى القلوب الصغيرة متشابهة تبحث عن حضن أم عن كلمة حنان وعن ذكرى تبقى في الروح.

الحنين إلى الأمس ليس رفضًا لليوم بل دعوة لأن نغرس في أبنائنا ما علّمنا الزمن قيمة البساطة طعم المشاركة فرحة القليل وأن الطفولة لا تُقاس بما نملك من أشياء بل بما نحمله من حب ودفء وذكريات.