
سارق الفرح.. بقلم عادل رستم
في كل مجتمع هناك أشخاص يملكون القدرة على صنع السعادة وآخرون يجيدون سرقتها. ليس بالضرورة أن يكون السارق لصًّا بالمعنى التقليدي يمد يده لجيوب الآخرين بل هو ذلك الشخص الذي يستغل موقعه أو نفوذه أو ماله ليقتنص حقًا ليس له فيسلب صاحبه الفرح والطمأنينة قبل أن يسلبه المصلحة ذاتها.
هؤلاء هم “سُرّاق الفرح” الذين يتسلّلون إلى حياة الناس من بوابة السلطة أو النفوذ أو حتى المال فيقلبون الموازين ويزرعون الإحباط بدل الأمل. هو المسؤول الذي يُعطّل معاملة المواطن البسيط لأنه لا يمتلك “واسطة”. هو صاحب المال الذي يحتكر الخدمات أو السلع فيرهق جيوب الناس. هو المدير الذي يهمّش جهود موظفيه لينسب الإنجاز إلى نفسه فيسرق منهم لذة النجاح قبل أن يسرق ثماره.
سرقة الفرح أخطر من سرقة المال لأنها اعتداء على المعنويات والأحلام وتكريس لثقافة الظلم والقهر وهي جريمة أخلاقية وإن لم يُعاقب عليها القانون. وفي مجتمع يتكاثر فيه سُرّاق الفرح تتآكل الثقة وتُدفن الطاقات الإبداعية ويغيب الانتماء.
في لحظات تواجد الكاميرات تجدهم في المقدمة وكأنهم أصحاب الفرح يبتسمون ابتسامة المنتصر وربما صاحب الفرح الحقيقي يقف في ركن بعيد والألم يعتصر قلبة ولكنه لايبوح خوفا أو عدم قدرة.
لكن مواجهة هؤلاء لا تكون باليأس بل بالوعي والتمسك بالقيم. على المؤسسات أن ترسّخ العدالة والشفافية وعلى الأفراد ألا يتركوا سُرّاق الفرح يسيطرون على حياتهم أو يحبطونهم. فكل مقاومة صغيرة لظلم، وكل كلمة حق تُقال هي استرداد لحق مسلوب وفرح مغتصب.
يبقى الفرح حقًا أصيلًا للإنسان ومن يسرقه اليوم قد يكتشف غدًا أنه سرق نفسه قبل أن يسرق الآخرين لأن الظلم مهما طال عمره زائل والفرح مهما غاب سيعود لصاحبه ولو بعد حين.