مقالات

الدكتور السيد مرسي الصعيدي يكتب.. الرئيس يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار

فى لحظة فارقة من عمر التشريع المصرى، وقف رئيس الجمهورية موقف رجل الدولة الذى يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، فأعاد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان، طالباً إعادة النظر وتصحيح ما شابه من عوار، هذه رسالة قوية بأن العدالة لا تُبنى على نصوص متسرعة، وأن حماية حقوق المواطنين وحفظ ضمانات التقاضى أسمى من حسابات الوقت والسرعة. فالقانون الإجرائى هو الدستور العملى للعدالة الجنائية، وأى خلل فيه ينعكس مباشرة على المواطن، سواء كان متهماً أو مجنياً عليه.

مفاد ذلك أن سلطات الدولة ليست فى تناحر أو مجاملة، وإنما فى تكامل لأجل حماية الوطن ، فالمشرع قد يخطئ بحسن نية أو تحت ضغط، ولكن الرقابة الدستورية والسياسية تضمن أن لا ينفذ إلى ساحة العدالة إلا ما يليق بها، وفى ذلك تأكيد أن مصر لا تبحث عن قوانين سريعة، بل عن قوانين راسخة والقضاء على قانون متصور إن النيابة والمحاكم شغالين بآلة كاتبة ومراوح سقف، بينما العالم بقى كله يعمل من خلال محاكم رقمية وأدلة إلكترونية، وكذلك حبس احتياطي بلا نهاية، فى حين إن القوانين الحديثة بتحاويل تقلل الحبس الاحتياطي، وكأن المواطن عنده أجازه مفتوحة ، وكذلك تعديل القاعدة المعمول بها حاليا المتهم برئ حتى تثبت إدانته… نظرياً و النصوص تؤكد أنه مذنب يثبت العكس ، وكذلك تقصير الإجراءات ، مع وجود الضمانات للضحايا ، وحمية الشهود من الاعتداء عليهم وازهاق ارواحهم ، وأخيرا التصالح مع التكنولوجيا.

ولا نتعامل مع الإنترنت كأنه “رفاهية” ونحل مشكلة الجرائم الإلكترونية
إن إعادة القانون إلى البرلمان ليست تراجعاً، بل هى تجسيد لإرادة سياسية واعية بأن التشريع الجنائى يمثل الركيزة الأساسية للعدالة الجنائية. فالقانون الجنائى ليس نصوصاً جامدة، بل منظومة متكاملة توازن بين حقوق المجتمع وحقوق الفرد، وبين مقتضيات الردع والضبط، ومتطلبات الحرية والعدالة.

وأخيرا ….لقد أحسن رئيس الجمهورية صنعاً بإعادة مشروع القانون إلى البرلمان، لتصحيح ما اعترى بعض مواده من عوار، وهى خطوة تعزز الثقة بين الدولة والمواطنين، وترسخ مبدأ أن العدالة لا تتحقق إلا بقوانين راسخة، متوازنة، ومنسجمة مع الدستور وروح العصر.