مقالات

انتصارات أكتوبر.. ذاكرة الأمة ورصيد وطني للأجيال

كتبها / عادل رستم

تُعد حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 واحدة من أعظم الصفحات في تاريخ الأمة المصرية والعربية إذ لم تكن مجرد معركة عسكرية لاستعادة الأرض بل كانت ملحمة للإرادة الوطنية والعقل الجمعي الذي توحد تحت راية واحدة هدفها الكرامة والتحرير.

في السادس من أكتوبر دوّى صوت العبور العظيم فوق قناة السويس وارتفعت رايات مصر على أرض سيناء الطاهرة بعد سنوات من الاحتلال والمرارة لتُثبت للعالم أن الجندي المصري لا يعرف المستحيل وأن إرادة الشعوب إذا توحدت قادرة على قلب الموازين وإعادة كتابة التاريخ.

وسيناء التي كانت ميدان المعركة وساحة الشرف ستظل رمزاً خالداً للتضحية والفداء فهي الأرض التي روتها دماء الشهداء لتعود حرة كريمة في حضن الوطن. واليوم كما كانت سيناء بوابة النصر في أكتوبر، فهي أيضاً بوابة التنمية والسلام تشهد مشروعات زراعية وعمرانية كبرى تعيد إليها الحياة وتفتح أمام أهلها آفاق المستقبل. إن ما يتحقق فوق أرضها اليوم هو امتداد طبيعي لروح أكتوبر التي لم تنطفئ بل تحولت إلى طاقة بناء وعطاء.

لقد كانت انتصارات أكتوبر شهادة ميلاد جديدة لمصر الحديثة ومصدر إلهام للأجيال المتعاقبة بأن الوطن لا يُبنى إلا بالعزيمة والتضحية والعمل. وما حققه أبطال القوات المسلحة في تلك الأيام المجيدة لم يكن نصراً عسكرياً فحسب بل كان نهضة معنوية واقتصادية وسياسية أعادت لمصر مكانتها وهيبتها في محيطها العربي والدولي.

واليوم ونحن نحتفل بالذكرى ٥٢ تبقى روح أكتوبر حاضرة في وجدان الأمة تتجلى في كل مشروع ومدينة جديدة وفي كل خطوة نحو التنمية والبناء. فكما خاض أبناء مصر معركة التحرير بالأمس يخوضون اليوم معركة البناء بوعي وإصرار لا يقل بطولة عن أيام العبور.

إن انتصارات أكتوبر ليست حدثاً نرويه فحسب بل درساً خالداً نغرسه في عقول أبنائنا ليعرفوا أن الأوطان لا تُحفظ بالشعارات بل بالإخلاص والعمل والعطاء. إنها ذاكرة أمة ورصيد وطني للأجيال نستنير بها في طريق المستقبل ونستلهم منها أن الانتصار الحقيقي هو استمرار النهوض والحفاظ على ما تحقق من أمن واستقرار وإنجاز.