مقالات

الكوكاكولا.. بقلم سوسن حجاب

هذا المشروب الأمريكانى الذى غزا العالم كله ويكاد يكون المشروب رقم واحد فى كل البلاد والأمم، ومهما ظهرت مشروبات جديدة ومسميات جاذبة تظل الكوكاكولا لها الغلبة دائما ويقولون أن السر يكمن فى الطعم الذى ينتج عن المادة السرية السحرية التى لم تفصح عنها الشركة المنتجة أبدا، حتى يكون لها الامتياز والغلبة فى التوزيع والاستحواذ على السوق العالمية، وكل المصانع المنتجة لهذا المشروب فى بلاد العالم المختلفة تأتيها التركيبة أو المادة السرية تلك بدون تفاصيل.

أقول هذا بعد أن جال فى خاطرى دور المفكرين والأطباء والعلماء العرب والمسلمين فى العصور الوسطى عندما كانت أوروبا وأمريكا ترزح تحت نير التخلف والجهل والنزاعات والعبودية والطبقية الظالمة، فى الوقت الذى تحجب فيه تلك الدول سر منتجاتها أو تبيع هذه الأسرار (بمسمى الملكية الفكرية) بملايين ومليارات الدولارات وخاصة الأدوية المنقذة لحياة الكثير من البشر، نجد العرب والمسلمون قد قدموا لأوروبا مناهجهم فى تشخيص الأمراض وليس فقط العلاج لبعض الأمراض، كما قدموا لهم ليس نتائج أبحاثهم فى العلوم المختلفة كالرياضيات والفلك وعلم البصريات، وإنما قدموا مناهجهم وأساليبهم العلمية للوصول إلى هذه النتائج لذلك ليس من الغريب أن تجد أحد المؤرخين الفرنسيين قد نشر رسالة عمرها حوالى عشرة قرون لمريض فرنسى بعثها لوالده من المستشفى الإسلامى الذى يُعالج فيه فى قرطبة يصف فيها حال المستشفى الذى يُعالج فيه وأنه ينام على سرير وليس على الأرض كما فى بلاده فرنسا وليس متجاورين رأس هذا المريض عند أقدام المريض الآخر فى طرقات المستشفى وكيف أنهم يغيرون الأغطية والمفارش يوميا وأنه يستحم بماء نظيف ويأكل ثلاث وجبات فى اليوم كما يتم صرف بعض النقود لكل مريض حسب حالته، هذا غيض من فيض كما يقولون، وقس على ذلك فى كل مجالات الحياة فقد كانت عصور مضيئة يملأها وينورها العلم والعلماء الذين لم يبخلوا بما يملكونه من علم وجعلوه متاحا لمن أراد فنقل عنهم الغرب كل هذه العلوم والمعارف فى الكيمياء والفلسفة وعلم الاجتماع والموسيقى والزراعة وغيرها وعندما دارت الدنيا دورتها نسى الغرب تلك الحضارة وهذا الكرم وادّعى لنفسه كل أسباب التقدم واحتفى باختراعات جديدة وأغفل اختراعا مثل الصفر مثلا والذى اختصر كثيرا من مساحة الكتابة إذا استمرت الرموز اللاتينية القديمة،
لا أدعو للتباهى بما هو تحت الأرض كما يقول العقاد، أو بما مضى ولكنها خاطرة مرت فى ذهنى وخاصة مع تنامى العداء لكل ما هو عربى أو إسلامى فى أيامنا تلك.