
جميل ينسى.. وكلمة تبقى الأثر بقلم عادل رستم
بعد العيد ما بينفتش كعك…
عبارة بسيطة لكنها تختصر حكاية طويلة عن طبيعة البشر حين تهدأ أجواء الفرح وتغيب المناسبات.
فما إن تنقضي اللحظة حتى يعود كل شيء إلى عادته القديمة وتُنسى الأيادي التي امتدت بالعطاء والوجوه التي كانت سببًا في الفرح وكأن المعروف كان واجبًا لا يُذكر.
الشكر لا يُطلب…
لأنه حين يُطلب يفقد معناه.
الشكر خُلُقٌ راقٍ يخرج من قلبٍ مُمتن قبل أن ينطق به اللسان وهو انعكاس لنقاء داخلي يدرك أن أي جميلٍ مهما صَغُر، يستحق التقدير.
كم من أشخاصٍ مرّوا في حياتنا قدّموا لنا ما لا يُقاس بثمن كلمة طيبة أو مساعدة في لحظة ضعف أو دعم صامت وقت الحاجة… ثم غابوا دون أن يسمعوا كلمة “شكرًا”.
لم يطلبوها لأنهم اعتادوا العطاء دون مقابل.
لكننا نحن من نُخطئ حين نبخل بها، فنكسر بها جسرًا من المودة كان يمكن أن يمتد.
إنّ تأخير الشكر أو تجاهله لا يُنقص من قدر من قدّم المعروف لكنه يُعرّي ضعف الامتنان فينا.
فالكلمة الطيبة ليست ثمنًا للجميل بل هي إقرارٌ بفضلٍ لا نريد أن نُغفله، ودفءٌ يمنح الحياة معنى المشاركة الإنسانية الحقيقي.
الشكر ليس مجاملة بل سلوك حضاري وإنساني يزرع الثقة في النفس ويحفّز على الاستمرار في العطاء.
وحين نشكر فإننا نُعلن للعالم أننا ما زلنا نحتفظ بقلوبٍ تعرف الوفاء وتقدّر ما يُقدَّم بإخلاص.
فلا تنتظروا من أحد أن يُذكّركم بجميله…
ولا تجعلوا العرفان مؤجلًا إلى حين.
قولوا شكرًا اليوم قبل أن تمر الأيام وتصبح الكلمة بلا أثر.
لأن الشكر لا يُطلب… بل يُعاش.