
ألقاب السيد أحمد البدوي.. بين السطوحي وعيسوي والملثم البدوي
يعد السيد أحمد البدوي أحد أبرز رموز التصوف في العالم الإسلامي، وقد نال مكانة رفيعة جعلت الناس يطلقون عليه عشرات الألقاب التي تعكس جوانب شخصيته الروحية والإنسانية، وما اشتهر به من الزهد والعلم والكرامات. هذه الألقاب لم تكن مجرد صفات، بل كانت تعبيرًا عن حب الناس له وإجلالهم لمقامه العالي.
تعددت ألقاب السيد أحمد البدوي، لكنها في مجملها تعكس شخصية فريدة جمعت بين الزهد والشجاعة والعلم والولاية. فهو عند مريديه السيد والشيخ والقطب والولي والعالم والفتى والبحر والقدسي، وعند محبيه رمز للتصوف المصري الأصيل الذي ما زال نوره يملأ القلوب حتى اليوم.
“السيد” و”العلوي”: نسب شريف ومكانة رفيعة
اشتهر أحمد البدوي بلقب “السيد” لأن هذا اللقب كان يُطلق على كل من ينتمي إلى بيت النبي ﷺ، وقد اجتمعت في البدوي صفات السيادة والشرف حتى صار إذا قيل “السيد” في مصر، لا يُعرف إلا هو. أما لقبه “العلوي” فذلك لانتهاء نسبه إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضوان الله عليهم، وهو نسب عريق يتصل مباشرة بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، مما أضفى عليه مهابةً ووقارًا خاصًا بين الناس.
“البدوي” و”الملثم”: رمزان للستر والزهد
لُقب بـ “البدوي” لأنه كان يشبه أهل البادية في سلوكهم وهيئتهم، وكان دائم التلثم باللثام كعادة البدو، فأصبح اللقب علامة مميزة له. أما “الملثم”، فلأنه كان يغطّي وجهه الشريف بلثامين في الصيف والشتاء، رغبةً في ستر حالاته الروحية التي كانت تظهر على وجهه أثناء الخلوة والذكر. هذا الستر كان دليلاً على حيائه وزهده، وعلى رغبته في أن تبقى عبادته خالصة بينه وبين ربه.
“أبو الفتيان” و”أبو العباس”: الشجاعة والمروءة
عرف البدوي بين أتباعه بلقب “أبو الفتيان”، لما اشتهر به من فتوة وشهامة ومروءة، فقيل إنه لم يكن في أولياء مصر من هو أكبر فتوة منه. كما سُمّي “أبو العباس” لأن “العباس” في اللغة يعني الأسد، فكان البدوي أسدًا من أسود الله في المواقف الصعبة، يجاهد بنفسه وبقلبه في سبيل الحق.
“أبو فراج” و”شيخ العرب”: الكرم ورفع الكروب
من ألقابه الجميلة “أبو فراج”، أي كاشف الهموم والغموم، وقد اشتهر بمساعدته للفقراء والمحتاجين، وكان يقول:
“الفقراء كالزيتون فيهم الصغير والكبير، ومن لم يكن له زيت فأنا زيته أساعده في جميع أموره وقضاء حوائجه، لا بحولي ولا بقوتي ولكن ببركة النبي ﷺ.”
أما لقب “شيخ العرب” فحصل عليه لما عُرف عنه من كرم وسخاء وحب للخير، وكان يوصي تلميذه عبد العال قائلًا:
“يا عبد العال، لا تشمت بمصيبة أحد، ولا تنطق بغيبة أو نميمة، واعفُ عمّن ظلمك وأعطِ من حرمك.”
“السطوحي” و”عيسوي المقام”: العزلة والكرامات
لقب “السطوحي” جاء من ملازمته سطح بيته في طنطا مدة طويلة، حيث اتخذه مكانًا للعبادة وتربية مريديه، فصار السطح مدرسة روحية خرجت جيلًا من السالكين في طريق الله. أما لقبه “عيسوي المقام” فكان لأن الله اختصه بكرامات نادرة تشبه ما اختص به سيدنا عيسى عليه السلام، من إحياء للموتى وكشف للغيوب، كما يروي مريدوه.