
ترامب يعيد رسم الشرق الأوسط … العصا والجزرة والصدمة والصفقة في مبادرة إنهاء حرب غزة وصناعة سلام جديد
مقال / عادل رستم
تتحول مفردات العصا والجزرة والصدمة والصفقة اليوم إلى مكون رئيسي في السياسة الأميركية تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب. تنفذ الإدارة الأميركية خطة متكاملة لإنهاء الحرب في غزة وفرض تسوية إقليمية جديدة تعيد صياغة ميزان القوى في الشرق الأوسط. لم تعد هذه الأدوات مجرد تعبيرات سياسية بل أصبحت أساسا لواقع يجري تشكيله على الأرض من خلال حضور مباشر للمسؤولين الأميركيين في المنطقة وإطلاق ترتيبات دائمة لما بعد الحرب.
تبدأ الخطة باستخدام العصا من خلال الضغط على الأطراف الفلسطينية والعربية لقبول ترتيبات تضمن الأمن الإسرائيلي بشكل كامل. تؤكد الإدارة الأميركية أن السيطرة الأمنية المستقبلية على غزة لن تكون كما كانت قبل الحرب وأن الإشراف الدولي سيكون جزءا إلزاميا من المرحلة المقبلة. ترتبط هذه السياسة برسائل واضحة تشير إلى أن الرافضين لهذه الترتيبات سيواجهون عزلة سياسية وخسائر اقتصادية.
في المقابل تطرح الإدارة الأميركية الجزرة عبر وعود بإعادة إعمار غزة وتحويلها إلى منطقة مزدهرة تخضع لمشاريع اقتصادية كبرى. تتضمن الخطة ممرات بحرية واستثمارات في البنية التحتية ووعودا بتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين مقابل قبولهم بالواقع السياسي الجديد. يجري تقديم هذه المشاريع باعتبارها فرصة لإنهاء المعاناة الإنسانية وفتح باب التنمية والاستقرار الدائم.
تستخدم الإدارة الأميركية الصدمة كأداة لتسريع فرض الواقع الجديد. يظهر ذلك في الوجود الدائم لكبار مسؤولي الإدارة في المنطقة وفي الحديث المتزايد عن إنشاء إدارة أميركية خاصة بالشرق الأوسط تتولى الإشراف المباشر على تنفيذ ترتيبات ما بعد الحرب. تعكس هذه الخطوات أن واشنطن لم تعد تكتفي بدور الوسيط بل أصبحت طرفا مباشرا في هندسة المرحلة المقبلة.
تتوج هذه الأدوات بالصفقة التي تربط بين إعادة إعمار غزة ومسار السلام الإقليمي مع إسرائيل. تدفع الإدارة الأميركية نحو تطبيع شامل بين إسرائيل والدول العربية وتعرض ضمانات أمنية واقتصادية مقابل دمج إسرائيل في المنطقة باعتبارها شريكا رئيسيا في منظومة الاستقرار الإقليمي. تقدم الصفقة باعتبارها الإطار الحتمي للسلام الجديد وليست مجرد خيار تفاوضي تقليدي.
تتجسد السياسة الترامبية اليوم في مشروع لإعادة ترتيب الشرق الأوسط حيث تتحول غزة من ساحة حرب إلى نقطة انطلاق لسلام يقوم على الردع الأمني والتنمية الاقتصادية معا. يظل السؤال المطروح ما إذا كان هذا المسار سيقود إلى سلام دائم أم أنه سيخلق واقعا مؤقتا قد ينفجر من جديد ما لم يستند إلى حلول عادلة تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وتضمن استقرار المنطقة بأكملها.