
الحضارة الجديدة — المتحف المصري الكبير
كتبها.ا.د.محمد غالب
يُعد افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث ثقافي عادي، بل هو معلماً حضارياً هائلاً يتردد صداه على المستويات الثقافية والفنية والمحلية والعالمية. ثقافياً وفنياً، يمثل المتحف تحفة معمارية بحد ذاته، حيث يقف حارساً مهيباً للإرث الحضاري لمصر، مصمماً ليضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بما فيها المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون. هذا الصرح الحديث لا يقتصر على عرض الآثار فقط، بل يروي ملحمة تاريخ الحضارة الإنسانية بتقنيات عرض حديثة وغامرة، مما يحافظ على هذا التراث الذي لا يقدر بثمن للأجيال القادمة، ويبرز الروعة الفنية غير المسبوقة للمصريين القدماء.
على المستوى المحلي، دور المتحف هو دور تحويلي. فهو محفز قوي للفخر الوطني، يعيد ربط المصريين بماضيهم التليد. علاوة على ذلك، يخدم المتحف كرافعة اقتصادية كبيرة، حيث يخلق الآلاف من فرص العمل ويعزز قطاع السياحة. وبجذبه للزوار من جميع أنحاء الوطن والعالم، سيعيد تنشيط الصناعات المرتبطة به ويرسخ مكانة مصر كوجهة ثقافية رائدة عالمياً.
عالمياً، يرفع المتحف المصري الكبير من مكانة مصر كحاضنة لأحد أهم حضارات العالم. لقد أصبح محجة ضرورية للمؤرخين وعلماء الآثار والفنانين والمسافرين، مما يعزز التبادل الثقافي الدولي والبحث الأكاديمي. يضع المتحف مصر في طليعة المشهد العالمي للمتاحف، محدداً معايير جديدة في مجالات الحفظ والتعليم وتجربة الزائر.
ما كان لهذا الإنجاز التاريخي أن يرى النور لولا الدعم المتواصل والقيادة الرشيدة للدولة المصرية. فقد أدركت الحكومة، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي المباشرة، الأهمية الاستراتيجية للمشروع ووفرت الموارد اللازمة والإرادة السياسية والتعاون الدولي لتحويل هذا الحلم إلى حقيقة. إن التزام القيادة بإتمام هذا المشروع العملاق، رغم كل التحديات، يؤكد الإيمان الراسخ بقوة مصر الناعمة ودورها في تشكيل الرواية الثقافية العالمية. ويعد المتحف المصري الكبير شهادة حقيقية على ما يمكن أن تحققه الأمة عندما تكرس قيادتها للاحتفاء بحضارتها ومشاركتها مع العالم.