مقالات

مصر التي في خاطري.. بقلم عادل رستم

مصر التي في خاطري ليست مجرد وطن بل لوحة مقدسة تجمع بين عذوبة النيل وهيبة الصحراء بين وهج الشمس في الجنوب ونسيم البحر في الشمال نيلها يمتد كشريان حياة لا يجف يروي الأرض والقلوب معا وكأنه رسالة الخلود من آلاف السنين تهمس في أذن كل مصري أن الخير لا ينضب ما دام العطاء مستمرا

وفي صحاريها الممتدة كأنها مسرح التاريخ تتلألأ الرمال كذهب خالص تحت ضوء القمر وتروي الجبال قصص الأجداد الذين بنوا المجد من صبر وكفاح هناك في صمت الصحراء يتحدث الحجر بلغة لا يسمعها إلا من عرف معنى الانتماء

ومن بين ضفاف النيل إلى قلب القاهرة يعلو صوت الأزهر الشريف كمنارة للعلم والوسطية يفتح أبوابه لكل طالب معرفة من الشرق والغرب فيحمل رسالته الخالدة أن الدين علم ورحمة لا غلو فيه ولا انغلاق وعلى الضفة الأخرى تقف الأهرامات شامخة تتحدى الزمن تحرس ذاكرة الإنسانية وتقول للعالم هنا كانت البداية

وحضارتها تلك التي سطعت أنوارها منذ فجر التاريخ كانت المدرسة الأولى للإنسانية في الطب والهندسة والفلك والفكر علمت الدنيا معنى النظام ومعنى الروح في البناء والعمل في معابدها تُقرأ ملامح العبقرية المصرية وفي بردياتها تُكتب أسرار المعرفة التي ألهمت العالم قرونا طويلة إنها الحضارة التي لم تكتف بأن تبني الحجارة بل بنت الإنسان والعقل والوجدان

أما ناسها فهم سرها الأعظم فيهم البسمة رغم الشدة والطيبة رغم العناء والإصرار رغم ما يحيط بهم من صعاب تجدهم في الأسواق والحارات في المدارس والمقاهي يحكون الحياة بحلوها ومرها ويصنعون من يومهم حكاية ومن التعب فرحة

وفي شوارعها وحواريها عبق خاص يجمع بين القديم والجديد بين صوت البائع المتجول وضحكات الأطفال بين نداء المؤذن في الفجر وضجيج المدينة عند الغروب إنها مصر التي مهما تغيرت تبقى في القلب تسكن الذاكرة وتمنح الحنين طعمه الأصيل

هي مصر التي في خاطري نيلها يغني وصحراؤها تصلي وأزهرها يعلم وأهرامها تتحدث وحضارتها تنير وناسها يصنعون الأمل كل صباح.