مقالات

الترفيه والترويح أولوية وليست ترفا.. بقلم / عادل رستم

في زحمة الحياة وضجيجها وسط سباق لا يهدأ نحو العمل والمسؤوليات ينسى الإنسان أحيانا أنه كائن يحتاج إلى لحظة سكون إلى نسمة ترويحيه تنعش القلب وتعيد للعقل صفاءه ولعل من أكثر المفاهيم التي أسيء فهمها في مجتمعاتنا هو اعتبار الترفيه نوعا من الكماليات أو الترف الزائد بينما هو في حقيقته أولوية لا تقل أهمية عن العمل والتعليم والصحة.

الترفيه ليس مضيعة للوقت كما يظن البعض بل هو فن إدارة الوقت بين الجد والاسترخاء فالعقل المرهق لا يبدع والنفس المتوترة لا تنتج والجسد المثقل لا يعطي ومن هنا جاءت أهمية الترويح كاستراحة إنسانية مشروعة تمنحنا القدرة على الاستمرار دون أن نفقد شغفنا بالحياة.

في الدول التي سبقتنا في مجالات التنمية لم ينظر إلى الترفيه كترف اجتماعي بل كضرورة لبناء مجتمع متوازن فالمتنزهات والفعاليات الثقافية والمهرجانات الفنية ليست مجرد مظاهر للمتعة بل أدوات تزرع البهجة وتعزز الانتماء وتقوي الروابط بين الناس.

أما في مجتمعاتنا العربية فنحن أحوج ما نكون إلى استعادة المعنى الحقيقي للترفيه أن نراه وسيلة لبناء الإنسان لا لتغييبه وأن نغرس في أبنائنا ثقافة الفرح الواعي الذي يصنع الإيجابية لا اللهو الفارغ الترويح ليس نقيضا للعمل بل هو امتداد له بروح أكثر نقاء ونشاط.

إن النفس التي تجد وقتا لتفرح وتتنفس وتبتسم هي النفس القادرة على العطاء فكما يحتاج الجسد إلى الغذاء يحتاج القلب إلى لحظة صفاء والعقل إلى فسحة نور لذلك فإن الترفيه ليس رفاهية بل حق إنساني وسر من أسرار التوازن في رحلة الحياة.