
الإعلامية شيماء فتحي تكتب.. “الإرادة الإنسانية هي صانعة القدر.. فكن سيدًا لمصيرك”
في تاريخ المسلمين، ظهرت تيارات فكرية تؤمن بأن الإنسان مسير بأقدار الله، وأن الأحداث والظروف هي التي تحدد مصيره، وأن الإنسان لا يملك حرية الاختيار، رغم تلاشي هذه التيارات، إلا أن أفكارها لا تزال تترك تأثيرها على الكثيرين، الذين يرون الحياة تتحكم فيهم، وأنهم عاجزون عن تغيير مسارها.
ما يحفز الإنسان لتبني مثل هذا الاعتقاد هو رغبته في التحرر من ثقل المسؤولية، وتفويض الأمر إلى القدر الإلهي. هذا الاعتقاد يجعل الإنسان يشعر بأنه ليس له دور في تشكيل مصيره، وأن كل ما يحدث له هو نتيجة لقضاء الله وقدره.
هذه الرؤية العشوائية للأحداث تجرد الإنسان من إنسانيته وتحوله إلى مجرد كائن يتحرك وفق قوى خارجية، وتجعله يشعر بأنه أداة في يد القدر، وتدين النظرة العشوائية التي تقلل قيمة العمل البشري إلى فقدان الأهمية للجهد البشري والتحكم في الحياة.
“روح الجبرية لا تزال حية في قلوب الكثيرين”
تاريخيًا، ظهرت فرقة في تاريخ المسلمين عرفت باسم الجبرية، تعتقد بأن الإنسان مسير لا مخير، وأن الأحداث والظروف هي التي تتحكم في حياته، وأن الإنسان ليس له دور في صنع قراراته.
هذه الفكرة، سواء كانت صريحة أو ضمنية، لا تزال تؤثر على الكثير، رغم غياب فرقة الجبرية عن المشهد، إلا أن معتقداتها لا تزال تسيطر على تفكير الكثيرين، حيث يعتقدون أن الظروف هي التي تحكم مصائرهم، وأنهم مجرد أوراق تتقاذفها رياح الحياة، وأنهم مجرد ضحايا للظروف.
“الإنسان يجد في الجبرية ملاذًا”
الأغلبية الساحقة من الناس، بغض النظر عن ديانتهم أو جنسيتهم أو لونهم، يميلون إلى إعفاء أنفسهم من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين، فالفرد يلوم المجتمع، والجماعات تلوم الحكام، والحكام يلومون الظروف، دون أن ينظر أحدهم إلى نفسه ويتحمل مسؤوليته.
الإنسان يلجأ إلى الاعتقاد بالجبرية ليجد راحة البال، لأن الاعتقاد بالجبرية يعفي الإنسان من عبء المسؤولية والتفكير في كيفية مواجهة المشاكل، حيث يعتقد أن كل ما يحدث له هو قضاء الله وقدره دون أي جهد شخصي ولا حيلة له في تغييره، مما يؤدي إلى التراخي وعدم تحمل المسؤولية.

“الإنسان هو مهندس حياته لا شيء يصنع قدره سواه”
القدرة على الاختيار هي هبة الله للإنسان، وكل فعل يفعله اليوم سيكون له نتيجة غدًا.
واقعنا هو مرآة لما فعلناه في الماضي، فإذا أردنا تغيير المستقبل، فعلينا أن نبدأ بتغيير حاضرنا.
الحرية هي جوهر الإنسان، وهي التي تميزه عن غيره من المخلوقات، الإنسان قادر على صنع قدره بنفسه ويتحمل مسؤولية قراراته، ويحصد ما سعى، فالحساب والعقاب هو نتيجة حتمية للحرية.
المستقبل ليس مكتوبًا، بل الإنسان من يكتب قدره بيده.
“قوة الإيمان والعمل في تغيير الحياة”
نتذكر قول الله عز وجل: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ”، إنها دعوة إلى الإيمان والتقوى، فالإنسان قادر على تغيير مسار حياته، وتأثيره في الظواهر الطبيعية يعتبر رصيده النفسي، فتكون الطبيعة مسخرة له، ويصبح مهيمنًا عليها، لا تائهًا حائرًا مصدومًا أمام غضبها، بل هو القائد المتحكم في مصيره.