
حين نبحث عن سلام لا نراه الرضا عن النفس رحلة لا تنتهي.. بقلم عادل رستم
الرضا عن النفس قد يكون غاية لا تدرك لكنه يظل الحلم الذي نسعى إليه في رحلتنا اليومية مع أنفسنا فالإنسان لا يولد راضيا عن ذاته وإنما يتعلم الرضا خطوة بعد خطوة ويكتشف أنه ليس حالة ثابتة بل شعورا متجددا يتأثر بما يمر به من تجارب وانكسارات ونجاحات.
نرضى أحيانا لأننا فعلنا ما نستطيع ونغضب أحيانا لأن الطريق لم يكن سهلا ونقف بين الحالتين نبحث عن مساحة هادئة نرى فيها أنفسنا بصدق فكم من مرة قسونا على ذواتنا وطلبنا منها أكثر مما تحتمل وكم من مرة تجاهلنا ما أنجزناه لنحاسب أنفسنا على ما لم نفعله بعد.
الرضا عن النفس لا يعني أن نتوقف عن الطموح أو نكتفي بالقليل بل هو أن نتقبل ضعفنا ونسعى لتجاوزه وأن نعترف بأخطائنا دون أن نحولها إلى قيود تكبل خطواتنا وأن نفهم أن الرحلة الطويلة تحتاج قلبا مطمئنا لا يجلده اللوم في كل منعطف.
ولعل أجمل ما في الرضا أنه يمنحنا سلاما داخليا يجعلنا أكثر قدرة على الاستمرار فالشخص الراضي عن نفسه ليس مثاليا وإنما متصالح مع عثراته يرى ذاته كما هي ويحبها كما يجب ويقف كل مساء أمام يومه قائلا لقد فعلت ما أستطيع وسأحاول غدا أن أكون أفضل.
والطريق إلى هذا الشعور يبدأ من لحظة نتوقف فيها عن مقارنة حياتنا بحياة الآخرين ونتذكر أن لكل إنسان حكايته وجرحه وصراعه وأن القيمة الحقيقية ليست فيما نملكه بل فيما نصنعه من معنى في يومنا وما نمنحه لقلوب من حولنا من طيبة وصدق ودعم.
فلنخفف عن أنفسنا قليلا ولنعطها حقها في التعثر ولنتعلم أن الرضا ليس محطة نصل إليها مرة ثم ننساها بل هو ممارسة يومية نعيد بها ترتيب أفكارنا ونمد بها قلوبنا بالطمأنينة ونفتح بها نافذة على ضوء جديد يعيد إلينا الثقة بأن القادم يحمل فرصة أخرى.
وربما يبقى السؤال الأهم الذي يجب أن يواجهه كل واحد منا حين يختلي بنفسه ما اللحظة التي شعرت فيها بأنك كنت أقرب ما يكون إلى الرضا عن ذاتك وهل ما زلت تمتلك الشجاعة لأن تمنح نفسك فرصة أخرى لتصل إلى تلك اللحظة من جديد.