آراء وتحليلات

استوديو التحليل.. قناة السويس شريان صنعته الإرادة وحرسه المصريون بدمائهم

بقلم /سهام عزالدين جبريل

في مثل هذه الأيام قبل 156 عامًا، وُلدت على أرض مصر معجزة هندسية غيّرت خريطة العالم: قناة السويس. لم تكن مجرد ممر مائي اختصر زمن التجارة، بل كانت فصلًا كاملًا من الصراع، والنهضة، والدم، والإرادة التي لا تعرف الانكسار.

حين افتُتحت القناة عام 1869، بدا العالم وكأنه يستيقظ على عصر جديد؛ الدول الكبرى تتسابق لفرض نفوذها، والشركات الأوروبية تبحث عن موطئ قدم على ضفاف القناة، بينما يقف المصريون وحدهم يدفعون الثمن: عمل شاق، ضرائب باهظة، وسيادة تنتزع منهم شيئًا فشيئًا.

لكن التاريخ لا يُكتب بالمراسيم وحدها… بل يُكتب بأقدام من مرّوا في الطين، وسواعد من حفروا، وعيون من حلموا بأن تبقى هذه الأرض مصرية مهما تعددت الأطماع.

القناة حائط الصد أمام العدوان الثلاثي

لم تكن القناة مجرد خط أزرق على الخريطة، بل كانت درع الوطن وحائط صد أمام العدوان الثلاثي عام 1956، عندما توحدت إرادة الشعب والجيش في مواجهة قوى الاحتلال، مؤكدين أن الأرض المصرية لا تُقهر مهما كان حجم المؤامرة.

بعد نكسة 1967 وعبور الضفة الشرقية

وعقب نكسة 1967، لم تنهزم الروح المصرية. بل جاءت ذكرى العبور العظيم عام 1973 لتثبت للعالم أن الوطنية ليست مجرد شعارات، بل قيم تتجسد في الشجاعة، التضحية، والانتماء. جنود مصر وعامليها ومهندسيها وجميع أبناء الوطن وقفوا أمام التحديات، وكأن القناة نفسها كانت قلبًا نابضًا للوطن.

قيم وطنية عظيمة

من انسحاب العمال المصريين عام 1951 رفضًا للعمل مع الاحتلال، إلى صمود رجال الشرطة في معركة 25 يناير 1952، وصولًا إلى البطولات العسكرية، وملحمة النضال الوطنى ضد قوى الاستعمار والعبور العظيم وتحطيم خط بارليف و أكذوبة الجيش الذى لا يقهر تظل قناة السويس رمزًا رأسها فى الوجدان الوطنى ونموذجا للقيم الوطنية العظيمة وبترجمة المعانى السامية الشخصية المصرية

فالكرامة فوق المكاسب الشخصية

الوطن فوق أي حسابات ضيقة

الإصرار على الدفاع عن السيادة مهما كانت التضحيات

واليوم، ونحن نستعيد ذكرى افتتاح القناة، لا ننظر إليها كمجرّد ممر اقتصادي، بل كـرمز حيّ لروح مصر الصامدة عبر كل العقود: من التحديات الاستعمارية، إلى العدوان، والنكسة ، والمقاومة والتحدى والصمود إلى عبور الأبطال.

قناة السويس ليست مجرد تاريخ… إنها ملحمة وطنية متواصلة، تذكرنا أن مصر، كلما اشتدت عليها الأطماع، ازدادت صلابة… وكلما أراد العالم ممرًا، أرادت هي سيادة.

❤️ ❤️
د/ سهام عزالدين جبريل
دكتوراه في الإعلام السياسي والعلاقات الدولية
-زمالة الأكاديمية العسكرية للدراسات الاستراتيجية العليا – عضو البرلمان المصري سابقًا