
الإتقان… القيمة الغائبة.. بقلم عادل رستم
في زمن تتسارع فيه الحياة وتتغير فيه الأولويات يبقى الإتقان هو القيمة التي تتراجع في كثير من مجالاتنا رغم أنها الأساس الذي تُبنى عليه الحضارات وتُصان به الأمم. فالإتقان ليس مجرد أداء عمل على نحو جيد بل هو روح تلتصق بالفعل فتمنحه معنى وتحوّل الجهد العادي إلى قيمة مضافة وتُظهر الإنسان في أجمل صور قدرته ووعيه ومسؤوليته.
نفتقد الإتقان حين يتحول العمل إلى عادة لا روح فيها وحين يصبح الأداء مجرد واجب نؤديه دون شغف أو ضمير. نفتقده حين نبحث عن السرعة على حساب الجودة وحين نتعامل مع مهامنا وكأنها عبء يجب التخلص منه سريعًا لا رسالة نُحاسَب عليها. وهنا تتراجع المخرجات ويتراجع معها تقدير الذات لأن الإنسان لا يكتمل إلا حين يرى أثره واضحًا وجميلًا في عمله.
الإتقان هو لغة الاحترام احترام النفس قبل احترام الآخرين. هو وعد بالصـدق مع الذات وبذل الجهد كما لو أنّ العمل يعكس المرآة التي نرى فيها قيمنا. وهو ما تحتاجه المؤسسات والمجتمعات كي تنهض فالدول لا تبنى بالجهد فقط بل بالجهد المتقن.
وليس الإتقان رفاهية بل ضرورة. هو باب الأمانة ومفتاح التميز وجسر الثقة بين الإنسان والمجتمع. وعندما يغيب الإتقان تتراكم الأخطاء ويضيع الوقت وتُهدر الموارد فيتسع الفارق بين ما يجب أن نكون عليه وما نحن عليه بالفعل.
ولعل أجمل ما في الإتقان أنه لا يحتاج سوى قرار داخلي أن نُقدم على العمل بقلب حاضر وعقل ملتزم وضمير حي. أن نكتب كما لو أن الكلمات تشهد علينا وأن نبني كما لو أن العمران شاهد مستقبلنا وأن نُعامل الناس كما نحب أن نُعامل فنُتقن ما نقول ونفعل.
الإتقان هو القيمة التي حين تعود يعود معها الكثير يعود النظام وتعود الثقة ويعود الشعور بأننا قادرون على التغيير.
ولذلك يبقى السؤال هل نملك الشجاعة لإعادة الإتقان إلى مكانه الصحيح
الإجابة تبدأ بخطوة وبنية صادقة وبعمل يُنجز كما ينبغي أن يكون.