مقالات

الأرض لأصحابها.. بقلم / سوسن حجاب

قرأت عن تجربة أجراها أو قام بها بعض العلماء بين مجموعتين من الفئران، مجموعة تم توفير كل وسائل الراحة بدءا من الطعام وسهولة الوصول إليه، إلى وسائل اللعب والترفيه وعدم الزحام إلخ، والمجموعة الثانية على العكس فالعدد أكبر والمكان أضيق والطعام قليل وصعب الوصول إليه، والنتيجة أن الفئران الأكثر عناءا وشقاءا وتجويعا وبذلا للمجهود عاشت أطول بكثير من الفئران المرفهة المرتاحة المتخمة بالأكل.

يقول الرافعى: قضت الحياة أن من يتلقى الضربات هو من يبقى ما يعانى منه أهل فلسطين منذ عشرات السنين لا شك أنه قد زادهم صلابة وقوة والتصاقا بالأرض، فقد ألفوا الصعوبات وتعودوا على التحمل فصاروا أشد عزما وأكثر صمودا.

منذ أيام كان نتنياهو يتباهى بأنه قد ألقى 153طنا من المتفجرات على غزة فى يوم واحد وذلك فى أثناء سريان الهدنة ووقف إطلاق النار، وفى هذا اليوم استشهد 59 مدنى معظمهم أطفال ونساء، ثم يصرح ثانية أن أى اختراق للهدنة من جانب حماس سيُقابل برد شديد القسوة، مثلما يفعلون فى لبنان بالضبط،كل يوم قصف وقتل وتصريحات بأن إذا اخترق حزب الله فى لبنان الهدنة فسوف نفعل ونفعل! وكل لحظة تحريض على العودة للقتال وكأنهم توقفوا! أو كأن اتفاق وقف إطلاق النار لا يخصهم هم بل يخص الأطراف الأخرى! يفعلون شيئا ويصرحون بعكسه، وهذا ما تعودوه وللأسف يجدون من يسمع ويصدق ويلقى باللوم على الضحية التى لم تُقتل من سُكات وهى ساكتة وراضية!

لمحمود درويش كلمات معبرة:
إن سألوك عن غزة قل لهم: بها شهيد ،يسعفه شهيد،ويصوره شهيد ،ويودعه شهيد، ويصلى عليه شهيد
ونقرأ ونسمع عن عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين يغادرون بلا عودة خوفا من تداعيات الحرب، وعن الجنود الذين ينتحرون أو يلجئون للعلاج النفسى فهم مرفهون لم يتعودوا شظف العيش وخشونته، الأرض لأصحابها مهما طال الزمن أو قصُر ما داموا يصمدون ويدافعون عن حقهم فيها،
يقول الشاعر: أرض مُزجت صفاتها بصفاتى وتركت فوق أديمها بصماتى
لا تطلبوا منى الرحيل فنشأتى كانت هنا وهنا يكون مماتى
وعندما أرى المستوطنين وهم يخلعون شجر الزيتون أشعر بالحزن والألم الشديد فلو كانوا زارعيه ما هان عليهم أبدا ولكنهم أهل قتل وتدمير ووحشية ولا نأمل فيهم أو منهم خيرا أبدا.

يقول محمود درويش: لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا.