
تصنيف الإخوان المسلمين “منظمة إرهابية عالمية”
تحقيق استقصائي في تداعيات القرار الأمريكي على مصر والأردن
(عمّان – القاهرة – واشنطن)
إعداد: كمال نبيل بوشناق
أولاً: الملخص التنفيذي
في خطوة تاريخية قد تعيد رسم خريطة النفوذ السياسي في الشرق الأوسط، أعلنت الولايات المتحدة في الرابع والعشرين من نوفمبر 2025 بدء إجراءات تصنيف فروع محددة من جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية أجنبية و”إرهابيين عالميين”.
يغوص هذا التحقيق الاستقصائي في بنية الجماعة ونفوذها، ويكشف خرائط انتشارها العشائري في الأردن، وشبكات تمويلها المعقدة، ومسارها التاريخي، إضافة إلى استعراض الآليات المخابراتية التي تستعد الأجهزة الأمنية في مصر والأردن لتطبيقها استجابة لهذا القرار.
ثانياً: خلفية القرار والإجراءات الأمريكية
أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يكلّف وزارتي الخارجية والخزانة، بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات ووزارة العدل، بإعداد تقرير شامل خلال ثلاثين يوماً لتحديد الفروع التي ستصنَّف رسمياً، يعقبه قرار نهائي خلال خمسة وأربعين يوماً.
ويرى محللون استراتيجيون أن الخطوة تمنح القاهرة وعمّان غطاءً دولياً لتوسيع نطاق الإجراءات الأمنية والقانونية ضد الجماعة، وتعزز التنسيق مع واشنطن لمراقبة التمويل الدولي والأنشطة العابرة٩ للحدود.
ثالثاً: خرائط النفوذ العشائري في الأردن
يبين التحقيق أن نفوذ جماعة الإخوان في الأردن ليس كتلة واحدة، بل يختلف باختلاف الجغرافيا والعشائر:
شمال الأردن (إربد – جرش): نفوذ تاريخي معتدل قائم على تعاون انتقائي مع بعض الوجهاء، ما منح الجماعة حضوراً انتخابياً مهماً سابقاً.
وسط الأردن (عمّان – الزرقاء): القلب النابض للنشاط الدعوي والاجتماعي، حيث ازدهرت الجمعيات الخيرية والمساجد التابعة للجماعة قبل تقلص نفوذها مؤخراً نتيجة إجراءات حكومية مشددة.
جنوب الأردن (معان – الطفيلة – الكرك): أضعف مناطق التأثير، إذ تطغى الروابط العشائرية التقليدية للدولة، مما جعل الجنوب بيئة غير مواتية لانتشار الجماعة.
رابعاً: التسلسل التاريخي من التأسيس إلى التصنيف
1928: تأسيس الجماعة في الإسماعيلية على يد حسن البنا.
الخمسينيات: حظر الجماعة في مصر بعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، ودخولها مرحلة العمل السري.
الثمانينيات – 2011: توسع نفوذ اجتماعي وسياسي في عهد مبارك رغم عدم الشرعية الرسمية.
2011: صعود سياسي كبير بعد ثورة يناير وتأسيس حزب الحرية والعدالة ووصول محمد مرسي للحكم.
2013: سقوط حكم الإخوان وتصنيفهم كجماعة إرهابية في مصر.
2025: بدء الولايات المتحدة إجراءات تصنيف فروع للجماعة إرهابية دولياً، في خطوة تعد الأشد تأثيراً على مستقبلها المالي والتنظيمي.
خامساً: مخططات التمويل
يعتمد النظام المالي للجماعة على شبكة واسعة تشمل:
تبرعات محلية تشكل المصدر الأساسي للدعم.
دعم خارجي من جهات خليجية ودولية.
جمعيات خيرية تعمل كواجهات قانونية لتحويل الأموال.
استخدام أنظمة الحوالات التقليدية لنقل الأموال بعيداً عن الرقابة المصرفية.
القرار الأمريكي الجديد يفرض رقابة صارمة على التحويلات الدولية، ويتيح تجميد الأصول المرتبطة بالفروع المصنفة، مما يهدد بنية التمويل الداخلية للجماعة.
سادساً: السيناريوهات المستقبلية
1. التراجع والانحسار: قد يؤدي الحظر الدولي إلى تهميش الجماعة وتحولها إلى كيانات صغيرة منعزلة.
2. العودة للعمل السري: قد تعيد الجماعة تنظيم صفوفها عبر واجهات جديدة مثل الجمعيات أو المنظمات الحقوقية.
3. التطرف والانشقاقات: قد تدفع الضغوط بعض المتشددين داخل الجماعة إلى تبني خطاب أكثر عنفاً أو الانضمام لجماعات متطرفة.
سابعاً: الملحق المخابراتي وآليات المواجهة الأمنية
آليات العمل المشتركة بين مصر والأردن
تشكيل خلية تنسيق أمني تعمل كغرفة عمليات موحدة لمتابعة التحركات والتحويلات المشبوهة.
تبادل استخباراتي واسع حول الأنماط التنظيمية والمالية.
عمليات مالية استباقية تشمل قوائم سوداء وعقوبات فورية.
الآليات المصرية
تركيز أمني مكثف على شبه جزيرة سيناء بالتنسيق مع الوكالات الأمريكية في مجال الاستخبارات الجوية والإلكترونية.
تجفيف المنابع المالية عبر فرق رقابية متخصصة.
شن حرب إلكترونية لاختراق قنوات الاتصال الداخلية للجماعة.
الآليات الأردنية
استخدام نفوذ الدولة للتواصل مع شيوخ العشائر ومنع أي دعم للجماعة.
زيادة المراقبة في الأحياء التي كانت معاقل تقليدية لها.
تنفيذ برامج توعوية في الجامعات والمساجد لعزل الشباب عن خطاب الجماعة وتحسين مناعتهم الفكرية.
ثامناً: التوصيات لصناع القرار
1. تفعيل خلية التنسيق الأمني الثلاثي بين مصر والأردن وواشنطن.
2. إصدار تشريعات محلية تجرّم التعامل المالي والتنظيمي مع الفروع المصنفة.
3. إطلاق حملة إعلامية لكشف الجرائم المالية والأعمال الإرهابية المنسوبة للجماعة.
4. دعم مبادرات اجتماعية وثقافية ورياضية بديلة في المناطق التي كانت تشهد نفوذاً للجماعة.