مقالات

ثقافة القبيلة بين حكمة الموروث وضياع المقاييس في زمن متقلب

كتب / النائب عطية أبو قردود
عضو مجلس الشيوخ

اسعد الله أوقاتكم بالخير والمسرات استكمالا وإياكم لما سبق
ثقافة القبيلة ليست رجوعا إلى الوراء ولا حنينا لأيامٍ ولّت بل هي وفاء لأصلٍ صان الناس حين ضاقت بهم السبل وكثرت عليهم المحن في زمنٍ اختلطت فيه المقاييس وتنازعت فيه الأهواء أمر الحكم والفصل وتفرقت المشارب كما تتفرق الرياح في الفيافي غدت الأعراف الموروثة حصنا يلوذ به المظلوم وميزانا يعدل حين تميل الموازين.

ولقد قالت العرب الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق والحر لا يظلم ولا يظلم وهي أمثال تهذب النفوس وتصلح ما فسد فما أكثر من يرفع راية التحضر وهو في الميزان أخف من الريشة وما أقل من يتمسك بثقافة أصلحت الناس قبل دساتيرهم وحمت الضعيف قبل قوانينهم
وتراث البادية مدرسة صبر وحكمة يعلم أن العدل لا يقام بصوت عال بل بضمير يقظ وكلمة إذا قيلت وفيت وعهد إذا عقد لا ينقض ومن أهمل إرثا كهذا جفت في قلبه المروءة وصار كالذي يملك ظلا لا شجرة له أو سيفا لا نصل فيه.

فتمسك بما يرفع قدرك ولا تترك إرثا يأوي إليه الضائع ويهتدي به الحائر فإن من ضيع سنن الآباء تاهت به السبل ومن حفظ الموروث الحكيم حفظ نفسه ومن حوله وصان المجتمع من غوائل الظلم وتقلبات الأهواء فليس كل جديد محمودا ولا كل قديم مهدورا وإنما يعرف الفضل لأهله ويستمسك بالحكمة حيث وجدت فالحق قديم والعدل لا يخلق على كثرة الاستعمال.