كتب / عادل رستم
يمكن كل واحد فينا بقى يحمل جواه حالة غريبة
حالة إن مهما حصل حوالينا مش بنرضى
ومهما جت فرصة حلوة بنعديها
ومهما حد حاول يعمل حاجة مختلفة نفضل ندوّر على الغلط
مش عشان احنا وحشين
لكن عشان اتعودنا
اتعودنا على النقد
اتعودنا على صوت الطنطنه اللي جوا دماغنا وهي بتدوّر على أي حاجة ناقصة
لدرجة إن أجمل الحاجات بقت تتحول قدامنا لشيء عادي
وفاضل نقف عليها بالنقد بدل ما نفرح بيها
بقينا مدمنين نقد
مش نقد بناء
لكن حالة إدمان للبحث عن العيوب
بننبسط لما نكتشف غلطة
ولما نلاقي حاجة مش كاملة
وكأننا بنثبت لنفسنا كل يوم إن مفيش حاجة تستحق الإعجاب
ولا شيء يستاهل إننا نهدّي قلوبنا ونقول الله
أهو ده حلو
ولو بصينا شوية لجذور الحكاية
هنلاقي إن السرعة اللي عايشين فيها خلتنا نفقد متعة اللحظة
نفقد فضولنا
نفقد قدرتنا على إننا نندهش
بقينا بنعدي على كل شيء بسرعة
زي اللي بيجري في طريق طويل
مبيعرفش يشوف المنظر
ولا يلاحظ زهرة صغيرة
ولا يسمع ضحكة حقيقية
ولما نفقد القدرة على الاستمتاع
نلاقي نفسنا بنعوضها بالنقد
بنحاول نملأ الفراغ اللي جوا القلب بكلام
مشاعر مش صافية
ووجهات نظر حادة
وتقييمات مستمرة
وكأننا طول الوقت في لجنة تحكيم
مستنيين أي عرض يعدي علينا عشان نحكم عليه
مش عشان نفهمه
ولا نستمتع بيه
ولو رجعنا خطوة ورا
هنكتشف إن النقد اللي بقى جزء من يومنا
مش نابع من قوة
لكن من تعب
من قلب مزدحم
من عقل شايّل فوق طاقته
من روح محتاجة ترتاح وتتنفس
وتدي نفسها فرصة تشوف الكويس قبل الوحش
وتشوف الجمال قبل العيب
وتعرف إن الحياة مش محتاجة تكون كاملة عشان تكون جميلة
اللي يخلينا نرجع نشوف الدنيا بعيون مختلفة
هو إننا نقلل ضجة النقد
ونسمح لنفسنا نعيش
نتنفس
نستقبل
ونفرح بالحاجة الحلوة لما نشوفها
من غير ما ندوّر على الثغرة اللي فيها
يمكن ساعتها بس
نلاقي إن في حاجات كتير كانت عاجبانا من زمان
بس احنا اللي مبقاش عندنا وقت
ولا مساحة
ولا قلب هادي يسمع جمالها
وفي آخر الحكاية يمكن نكتشف إن المشكلة مش في الدنيا ولا في الناس
المشكلة في العين اللي بقت تشوف النقص قبل الجمال
وفي القلب اللي مش لاقي لحظة يهدى فيها
ولو رجعنا خطوة ورا هنلاقي إن الحياة لسه بتدي فرص
ولسه فيها حلاوة مستنية اللي يشوفها
زي ما قال إيليا أبو ماضي
اي هاذا الشاكي وما بك داء
كن جميلا ترى الوجود جميلا
يمكن الجمال كان حوالينا من زمان
واحنا بس اللي مبقيناش نمد إيدينا ليه .
