
العنف ضد المرأة.. بقلم / سوسن حجاب
ربما لو علم الدكتاتور –أى ديكتاتور- فى أى زمان وأى مكان ما سيكون عليه مصيره لكان اعتزل السياسة أصلا وليس فقط كف عن ديكتاتوريته وظلمه،فالتاريخ يسجل ويخلد الوقائع والأحداث، والنهاية دائما مُرة وفيها عبرة، وبما أننا الآن وعلى مستوى العالم نشارك فى ما يُسمى حملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة فأحببت أن أتحدث عن هذه المناسبة ،سببها وأصلها وسبب المناسبة هو العنف الذى تعرضت له الأخوات مياربال فى دولة الدومينيكان بأمريكا الشمالية ،وأصبحن رمزا دوليا بسبب ما تعرضن له من تعذيب ووحشية وصلت لحد القتل فى 25 نوفمبر 1960على يد أتباع الحاكم الديكتاتور وقتها رافاييل تروخيو لمعارضتهن له.
وقد قررت الأمم المتحدة تخليد ذكراهن فى ديسمبر 1999بإعلان يوم 25 نوفمبر من كل عام يوما عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة،وقد كانت أختهم الرابعة (محامية) هى من أظهر للعالم قصة الأخوات الثلاث ووثقت الوقائع وأعادت لهن ولكل امرأة معنفة حقها فى أن تعيش فى أمان بإظهار معاناتها وعدم الخوف من البوح وأن من واجب العالم أن يقف مع المرأة المعرضة للعنف لأى سبب أو من أى شخص، وقد كان قتل الأخوات الثلاث هو الشرارة التى أشعلت الثورة ضد الديكتاتور الذى قُتل بعد ستة أشهر من قتلهن.
وأصبح العالم كله يحيي هذه الذكرى للتذكير بحق النساء فى أى مكان بالعالم فى التمتع بحياة آمنة خالية من كل أنواع وأشكال العنف، ثم تم ربط هذا اليوم باليوم العالمى لحقوق الإنسان الموافق 10 ديسمبر من كل عام وأُطلق على هذه الأيام الممتدة من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر حملة الستة عشرة يوما لمناهضة أو القضاء على العنف ضد المرأة ،باعتبار أن حقوق المرأة هى جزء أصيل من حقوق الإنسان.
ويوجد طبقا لتقارير الأمم المتحدة أكثر من 140 دولة فيها قوانين ضد العنف المنزلى والتحرش بأنواعه ،كما أن النساء والفتيات يشكلن نسبة 71%من إجمالى عدد ضحايا الاتجار بالبشر، وجدير بالذكر أن زواج القاصرات يدخل فى مفهوم الاتجار بالبشر وهو يمثل نسبة كبيرة فى العنف الموجه ضد الأنثى التى ما زالت طفلة ويتم تزويجها رغما عنها أو حتى بموافقتها ،تلك الموافقة التى تعيد إلينا مشاهد الممثلة ماجدة الصباحى فى فيلم أين عمرى قصة إحسان عبد القدوس،والتى كانت فى غاية الفرح والسرور عندما تقدم لها (عمو عزيز) طالبا يدها للزواج رغم فارق العمر فهو فى عمر جدها كما رأينا وهو الدور الذى أدّاه العملاق زكى رستم، وهى التلميذة التى خرجت من المدرسة لتتزوج ظنا منها أن الزواج فساتين ومجوهرات وخروج وفسحة وليس مسئوليات جسام تستهلك العمر وترهق العقل إن لم تكن مهيأة لذلك ولديها من النضج العقلى والجسدى والنفسى ما يساعدها على تكوين أسرة والحفاظ عليها،ذكرت زواج القاصرات تحديدا لأنه أصبح يمثل ظاهرة مجتمعية.
فى اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة دعوة من القلب بأن تنعم كل امرأة وكل طفل وكل رجل مُنصف فى كل أنحاء العالم بالأمن والأمان والسلام المجتمعى والأسرى والنفسى.