مقالات

هل أصبح التطفل فضيلة.. بقلم الإعلامي عادل رستم

لم نعد نعيش فقط زمن الخبر بل زمن المطاردة حيث تتحول الكاميرا من أداة توثيق إلى وسيلة اقتحام مباشر للخصوصيات وكأن الفراغ صار مبررا لملاحقة كل خطوة وكل حركة للشخصيات العامة والفنانين دون اعتبار للحدود الإنسانية.

تسليط الكاميرات على تفاصيل الحياة اليومية لأي شخص عام لا يمكن تبريره دائما بفكرة الشهرة فحتى من رضي بالظهور على المسرح أو الشاشة لم يمنح أحدا تصريحا مفتوحا لاقتحام لحظاته الخاصة أو مراقبة انفعالاته الإنسانية العفوية.

ما حدث مع الفنان الخلوق محمد صبحي في لحظة غضب طبيعية يعكس جوهر المشكلة لا الحدث ذاته فالغضب سلوك إنساني نمر به جميعا لكن تحويله إلى مادة للتداول والتصيد يكشف عن تجاوز أخلاقي قبل أن يكون إعلاميا.

المقلق أن البعض بات يشعر أنه رقيب لمجرد امتلاكه هاتفا محمولا وأن التسجيل والنشر حق مكتسب دون وعي بالمسؤولية أو بعواقب ما يفعل لا على الشخص المصور ولا على المناخ العام الذي تتآكل فيه القيم لصالح اللهاث وراء التريند.

قد يرى البعض أن الأمر عادي أو غير مؤذ لكن تراكم هذه الممارسات يصنع واقعا مشوها تصبح فيه الحياة الخاصة سلعة والانفعال الإنساني فضيحة والخصوصية رفاهية لا حقا أصيلا.

من هنا يصبح من الضروري وضع حدود واضحة أخلاقية وقانونية تحكم عملية التصوير والنشر وتعيد الاعتبار للفارق بين الحق في المعرفة وواجب احترام الإنسان فالمجتمع الذي يراقب أفراده بعضهم بعضا بلا ضوابط يفقد تدريجيا قدرته على التعاطف.

القضية في جوهرها ليست دفاعا عن فنان أو شخصية عامة بقدر ما هي دفاع عن فكرة إنسانية بسيطة مفادها أن الكاميرا يجب أن تخضع للقيم لا العكس وأن الشهرة لا تلغي الحق في الخصوصية.

وضع حد لهذه الظاهرة لم يعد ترفا بل ضرورة تحمي المجتمع من الانزلاق نحو قسوة جماعية يصبح فيها الجميع مراقِبا ومراقَبا في آن واحد دون وعي أو رحمة.